الأحد، 20 أبريل 2014

نهاوند

كعادتها مؤخرا , تسأل نفسها السؤال الذى لم تمّل وقعه , والذى نصحها به أحد الخبراء : كيف تشعرين الآن ؟!
لا تحتاج إلي التفكير كثيرا , فها هى الإجابة تخرج سلسلة وسهلة :
اشعر بالرضا والإطمئنان ,بالراحة على نحو غريب ,ممتنة للجو المتقلب الذى جعل الطريق أقل تكدسا ,ولاختراع زجاج السيارة الذى جعل الضجيج أكثر هدوئا ,
بامكانها ان تستمع لموسيقى هادئة وتراقب الغروب -بعد أن اعادت نسب المعنى المناسب له , ليس وداعا ونهاية , بل هى دورة حتمية بليغة الحكمة , لا وجود للنهايات المطلقة فيها-!
تنظر إلي زهور البنفسج اليافعة التى أحضرتها لتهديها لصديقة ,ارتبط البنفسج فى عقلها بتلك الأغنية والصوت الشجى الذى يشدوها "ليه يا بنفسج بتبهج وانت زهر حزين "
لا تعرف أين الحقيقة من الإدعاء !
هل حقا يبهج البنفسج ؟
هل هو حزين ؟

للاماكن الجديدة , سحرها الخاص , حضورها الطاغى الذى يجبرك على التكيف ويدعو روحك للإنصهار مع روح المكان , فى جمع مختلف عمن اعتادت رؤيتهم , جلست بعد أن وصلت فى الوقت المحدد بالكاد , تبهرها طاقة السلام المنبعثة من جيرانها الغرباء الذين باتت تجمعهم سماء واحدة ,صافية ,يلونها أزرق المحيط , وقمر تأنق ليشارك نجوم الحفل بريقهم الآخاذ .
يتخذ الجميع أماكنهم ,ويعم صمت متلهف لحضورها ,فتظهر تصاحبها نسمات عليلة ,يتبعها تصفيق طويل .
يعود الصمت مستمتعا بلحظات ما بعد الجهل , ما قبل المعرفة , تلك الفترة التى تتهيأ فيها العيون لإستقبال النور , لحظات ما قبل رفع الحجاب عن الروح لتتلاقى مع أرواح تتوق للقاء,ترفع يديها برفق وبحب , تداعب الأوتار بحرفية بالغة , فتكون اشارة الانطلاق , تنطلق الأرواح من محبسها لتحلق...




Harp - قيثار -صنج
جمال ...
منال!


"perfectly led by a woman" !
تخبرنى صديقة بأعجمية مثيرة للإعجاب , فأكتفى بايماءة موافقة , وتبقى الفكرة تعتمل برأسى
تعقيب:
لا وجود لما يسمى رجل او امرأة ها هنا , هنا الإنسانية تتكشف فى صورتها الأسمى , تسقط الفروقات والأقنعة , هنا حيث تلتقى الأرواح الحرة للمرة الأولى , وللابد , لا تنفع توصيفات الزمان هنا ايضا , هو فقط تلاقى لا تريده أن ينتهى او يزول , لا تفكر كيف بدأ وإلي أين سينتهى !






"ألة مصرية صميمة عرفها قدماء المصريين منذ الأسر الفرعونية الأولى، وهى أقدم الآلات الوترية عندهم بل كانت ألالة الوترية الوحيدة التى عرفتها الدولة القديمة التى بدأت حوالى عام 3400 قبل الميلاد.

تتألف الآلة منذ بدايتها من ثلاثة أجزاء رئيسية هو الصندوق المصوت والرقبة والأوتار وتختلف عن سائر الآلات الوترية فى أن أوتارها تنزل عمودية على صندوقها المصوت."




"القمر حلو أوى انهاردة " أطلقها همسا لصديقتى ,
مع هكذا جو , لا تستطيع سوى أن تتطلع لأعلى ,.تبلغ شكرك للخالق الأكرم ,الواهب العظيم ,الذى علم الإنسان ما لم يعلم , والذى أعطى لموسيقى تلك الجميلة , رشيقة اليدين , المحبة بعمق وشغف لما تصنع , القدرة على أسر القلوب , وتخفف الروح من الأثقال. والآن, تزور بعض الغيوم الحنونة سقفنا الخاص من زرقاء المحيط , تداعب القمر , تحركها بدلال نسائم هواء شامى الحنين

"يا هوا يا هوا يللي طاير بالهوا
في منتورة طاقة و صورة خدني لعندن يا هوا"


غذاء للروح هى , الموسيقى , تعمق صلتك بأنسانيتك , لا أعتقد أن هناك قاتلا او ديكتاتورا يتذوق الموسيقى فعلا !
ولكى تتقن لغة الموسيقى ,عليك الإنصات للكون من حولك اولا.
أ
س
م
ع


النهاوند واحد من المقامات الشرقية الرئيسية، المرتكزة علي درجة الراست (دو)، ويتكون من جنسين شأن غالبية المقامات. بينهما بعد فاصل (جمع منفصل)
مقام نهاوند


 له طابع رقيق عذب يناسب الألحان العاطفية الحزينة، يمكن عزفه علي الآلات الثابتة، لأنه له نفس أبعاد السلم الصغير المانير الهارموني في الموسيقى الكلاسيكية، وبالتالي ينعدم فيه استخدام البُعد المتوسط، (ثلاثة أرباع التون).


حلوة يا بلدى ؟ّ!



"قلبى مليان بحكايات ..."

احكى !

تشير الساعة إلي العاشرة , علي الذهاب الآن ,تأخرت , اللعنة على البعد بكل اشكاله , لا أريد الذهاب الآن , ها هو القمر يعود -نسبيا- !

قرار: يجب أن أتعلم العزف على احدى الآلات الموسيقية , جديا.

كيف تشعرين الآن؟

ممتنة لمعرفتى بهؤلاء الرفاق !
ربما ..أحبهم! ,
بالتأكيد 

البنفسج ليس -دوما- حزين !

--------------------
Manal Mohey Eldeen concert -Cairo Opera House
Tue:April 15 2014

moon photo taken by:Rabab :) 





الجمعة، 11 أبريل 2014

فوق أرجوحة الحنين

من حين لأخر , تعطيك الحياة قليل من البهجة المجانية الغير متوقعة , كأن تجد نفسك محاطا بالأخضر البديع , فوق أرجوحة بدائية الصنع ,يغطيك رداءا من أزرق داكن مرصع بنجوم متلالئة وقمر وسيم .
تبدأ الرحلة
سرعة خفيفة , نظرك يخترق الأفق الرحيب أمامك ,ليعود بك الزمن فى اتجاه عكسى , فترى أمامك تلك الطفلة الصغيرة ترسم اشكالا على الرمال , تقص لنفسها حكايات وليدة اللحظة , بجوار عجوز حكيم يمسك بمسبحته فى خشوع ويتطلع إلي السماء,يدعو بالفلاح والرزق الوفير بعد أن أتم دوره فى زرع البذور ورعايتها .
تترك الطفلة اشكالها وحكاياتها الخيالية وتذهب إلي مجرى المياه القريب , تغترف منه ملء يديها الصغيرتين وتنهل فى سعادة , تنظر إلى الجد العجوز وقد بات يراقبها , فيبتسم لها ويدعوها إليه , فتذهب قفزا , يسألها هل ذكرت اسم الله؟ فتترتبك , يقبل وجنتها بحنان ويخبرها بأنه لا بأس ولكن عليها أن تتذكر فى المرة القادمة.
يحتضنها ويجلسها فوق ساقيه ,تعبث بمسبحته , مقلدة حركة شفتاه,متطلعة إلي السماء وهكذا شبت!

تزداد السرعة قليلا , فتدب الحياة فى البيت الريفى الصغير , يذهب الصغار إلي المدارس , يتعلمون العلوم والحساب واللغات الأجنبية , يحلمون بتحقيق آمال الكبار , لعل تلك الصغيرة تصبح يوما ما طبيبة , أفضل من ذلك الطبيب المهمل الذى كان يستمتع بإجازته المفاجئة تاركا ولدهم الأكبر للموت قربان.

نسيم عليل يأتى محملا بعبير الريحان البديع , اسرع قليلا بعد, يختلف الإيقاع جذريا ليستبدل الجيتار الإليكترونى وآلات الإيقاع دقات البيانو الرقيقة والناى الحزين .تستقبل الصغيرة جنون الشباب مصاحبا بصخب اعاصمةواغرائها ,تاهت ولكن بقيت على جذورها مثبتة بقوة فى الأرض ,قست عليها المدينة كثيرا , دخلت معها معارك دخلت من معظمها أكثر صلابة , حتى تكيفت واعتادت ,ولكنها لم تتخل عن نظراتها نحو السماء!

تخف الأرجوحة من سرعتها تدريجيا , والقلب قد أنهكه التذكر ,لما نعيد عيش ما سبق وقد عشناه من قبل , أليس ذلك بعجيب !

تبعد نظرها عن ذلك الأفق المحمل بالحنين , وتعود إلي حاضرها شاردة , تائهة من جديد , ولكن هذه المرة ليس فى شوارع العاصمة المبهرة , بل داخل أروقة قلبها حديثة الاكتشاف ,والتى تجدف فيها ضد تيار المعتاد .

تصوب نظرها هذه المرة نحو السماء لتداعب أهدابها النجوم , تشرع فى العد وتتوقف عند ثللاثة عشر !
يبدو القمر بديعا فى حلة البدر التى يرتديها , واثقا فى قدرته على أسر القلوب , يلعب معها الغميضة خلف أوراق شجرة العنب العتيقة , والتى طالما آمنت بأن تلك الصورة على خلفية سماء صافية صورة معبرة لما قد تكون عليه الجنة!

تكاد الأرجوحة أن تتوقف عن الحركة ,ويصبح النسيم أبرد قليلا , ترسل إلي القمر رجاءا أخيرا بالعودة بعلاقتهما حيث توقفت, تحتضن أحبال أرجوحتها بقوة ,تحمل ما تستطيع حمله من هواء إلي رئتيها , تغمض عينها على المشهد الأخير وتدفع برأسها إلى الوراء ...

الثلاثاء، 8 أبريل 2014

إعشق غريبة !

صديقى ,
وصلتنى رسالتك الأخيرة , وأرى من خلالها أن لا تغيير قد ألم بك , فأنت مازلت كما كنت دوما ذلك غريب الأطوار اللطيف !
استوقفنى
"أشعر أننى أفتقد شيئا مجهولا, وبشدة ,أفتقد حالة لم أعتادها من قبل , وكأن حيزا جديدا ولد حديثا داخل قلبى يريد أن يحياها" !
هل لي أن اقول اولا , أن ابعادك الفلسفية باتت فى تحسن ملحوظ !

أما بخصوص الشئ الذى تفتقده , ذلك يذكرنى كثيرا بمعنى سمعته فى اغنية لفيروز " أنا عندى حنين" , إن لم تكن تعرفها  فأبحث عنها الآن واسمعها , سوف تساعدك لتقمص الحالة أكثر

خرجت من السياق ثانية , نعود إلي الشئ , هل لي أن اقترح معلوما لمجهولك ؟!
لمَ لا تجرب العشق على سبيل التغيير ؟
ذلك الفوضوى والمستقل جدا , الرحّال عاشقا , أيمكن ان تتخيل تلك الصورة

وهنا لا اقصد ذلك الحب الهادئ الرقيق , كالنهر الجارى فى سلام , بل يلزمك ما هو أكثر عنفا ليتماشى مع قلب سريع الخفقان
العشق ..ذلك الحب المفرط ..التعلق بالأخر كالخشب "المعشّق" الذى يصنعه النجار
أن تتخلى عن سفينتك وتنزل اليابسة , لتلتقى تلك الغريبة
تمشى فى الشوارع هائما , شجينا , تشعر بالضياع دونها ,
بعيدا عن تلوث العصر التكنولوجى , لا تسمع أخبارها

تتأخر عن موعد سبق وحددتماه فى المقهى المجاور للنهر , فتنتظرها , وتنتظرها
تبقى قابعا هناك , حتى تذهب الشمس , فتأخذ معها ما تبقى من بهجتك , فتبث همومك للنهر الحزين , وتجد منه مستمعا منصتا

تلمح طيفها آت , فيقفز قلبك بين ضلوعك أملا , حتى يظهر وجها , فيرتجف خوفا
تجلس وسط صمتك وتبدأ بالكلام
"تخبرك أنها لطالما عاشت غريبة , هكذا فقط تكون فى غربتها تبقى حرة محلقة , لا تستطيع أن تتمادى أكثر معك فى شعورك المجنون , سوف تبقى "غريبة" لأجلكما معا ..فالأحبة يرحلون !"

تودعك بعينيها المشعتين حياة دائما , وتمضى
فتبكى , نعم هذه هى دموعك يا صديقى , تبكى ألما ,فأنت الآن عاشقا , والألم نصيب العاشقين

تعود محطم الفؤاد ,فاقدا استقلاليتك التى طالما ادعيتها , لأنك حاولت أن تجعل من الغريبة حبيبة ,لك. والغرباء لا يُملكون !
-----------
كان هذا أحد تخميناتى لذلك الشئ الذى تفتقده  , او ربما أنت فقط بحاجة لبعض الفيتامينات التى تساعد
على سلامة العقل والقلب حتى لا يفكر فى مثل هذا الجنون , تخلى عن فلسفتك قليلا وحضر بعض الطعام
واستمع لفيروز , فقط علمت فى نهاية اغنيتها سبب شعورها بالحنين  ;)

هذا كل شئ للآن
كن بخير :)

الجمعة، 4 أبريل 2014

ثنائية النخيل والغروب وطعم القهوة

-لا وجود لما هو مطلق فيما يتعلق بالبشر-

أنت لست هذا الملاك الذى تتصورك إياه أمك , ولست القدوة التى لا تخطأ كما تراك اختك الصغيرة , لست أحد أتباع الشيطان الذى تراه فى احدى حواراتك مع ضميرك و-أنا-ك الأعلى
ربما تساعدك هذه الصفة التى يتحدثون عنها فى الكتب لتتقبل نفسك
"ثنائية الوجود الإنسانى -الطبيعة الروحية النورانية وتلك الحيوانية الشهوانية -وبينهم صراعك لتحدد ما تكونه!"

أنت نتاج صراع دائم , أنت تتغير بشكل لحظى فلا تجزع !

-طالما أحببت النخيل !-

ذلك الخلق المتميز بين ابناء جنسه , المرتفع فى شموخ دائم , الوحيد فى رضا وسعادة , يطلق اوراقه فى حرية مع الريح , تغازله الشمس فى شروقها وتصنع معه فى غروبها واحدة من أبدع اللحظات , يتخذ من عزلته أداة للتعلم والحكمة , يراقب من أعلى أحوال الحياة بالأسفل , فيزيده ما يتعلمه من عبر بهاءا

تصحيح لما ورد سالفا - طالما عشقت النخيل- !

-إذا حاول أحدهم أن يبدو عارفا بالأمور ,تلك الأكثر حميمية بالنسبة إليك ويتفاخر بمعرفته "كيف تشربين قهوتك ؟!" فتخلى عن معرفته فورا

القهوة لا تصلح أن تبقى شيئا جامدا , لا يوجد طريقة واحدة لتفضيلها , بل تتلون على حسب حالتك المزاجية -داخليا- والبيئة المحيطة -خارجيا-
هناك تلك الأوقات الحرجة التى تفضل فيها العزلة وان كنت فى جمع غفير , تكون "الاسبريسو ثنائية الجرعة" هى الأنسب لتشكل سدا حديديا يمنع أختراق المحيطين لمساحتك الخاصة !
الاسبريسو , قهوة السلوان , تلك التى تشدد من أزرك , تمنحك بعض من قوتها ومرارتها لتدعمك فى التصدى لـ مر الحياة !
والامريكان كوفى , رفيقة الكفاح , مؤنسة جلسات تشييد الأحلام على الهواء , مع صديق على نفس درجة جنونك , وطموح يناطح السحاب
وهناك النكهات المضافة والرغوة الكثيفة والحليب , في الماكياتو والكابوتشينو واللاتيه , تصلح كأطلالة مشرقة بين جمع بهيج من الأصدقاء
وتلك النسج المثلجة من القهوة والاضافات الأخرى , الصالحة للاحتفال باستمرار محاولات البقاء التالية لخيبات الإنكسار
اضافة هامة:
القهوة أرض رحيبة متجددة الأكتشاف , لا تجعل منها عادة بديهية , تحلى بالجرأة الكافية لاستكشافها , ولن تسمح لك قبل أن تظهر فروض الولاء !

-Frozen-
لعنة القلب المتجمد لا ينفع معها سوى حب صادق .
بتصرف:
لعنة القلب اليائس لا ينفع معها سوى إعادة اكتشاف لحكمة الخفقان !

رأيك مهم وربنا ..ايه رأيك ؟!