بعد يوم طويل مرهق تعود إلي بيتها القابع بذلك الحى الهادئ والذى جعله تأخر الوقت –نسبيا- أكثر هدوءا.
شرعت فى صعود درجات السلم , ممتنة لعدم انقطاع التيار الكهربى ,وذهاب القطط السوداء –التى تكرهها كره السكان
الاصليين من هنود حمر لكريستوفر كولومبس وجيشه المتوحش - الى النوم مبكرا هذا المساء.
دلفت الى المنزل لتجد والديها يشاهدان
سلسلتهم التليفزيونية المفضلة , فالقت التحية
سريعا ودخلت غرفتها ,حيث تمتد حدود مملكتها الخاصة, التى تملك حق السيطرة عليها وتملأها
باشيائها المفضلة, القت بحاجياتها الثقيلة
جنبا , واسرعت للاغتسال وتغيير الملابس حتى
لا تلوث هذا العالم الحالم بذرات الواقعية القاتلة العالقة على ملابسها ووجهها !
لم يكن باقى من الليلة وا من طاقتها الكثير
فاستلقت فوق فراشها ممسكة بجهاز ال i pad خاصتها, متصفحة بعض مجلات الترفيه والمغامرة التى تستهويها ,ثم مواقع ال social media الشهيرة,
طالما كانت
التكنولوجيا بالنسبة لها , مثل الجنيات الطيبات فى الحكايا القديمة ,
اللاتى يسهلن الصعاب ,كذلك التكنولوجيا التى جعلت كل صعب متاح , الاصدقاء
متواجدون دائما على Facebook ,يكفى ان تتفقد "الحالة" خاصتهم التى تظهر فى
صفحتها الرئيسية لتطمئن.
تدريجيا أصبحت التهانى والسؤال عن الأحوال بسهولة post على الwall او رسالة مقتضبة او مطولة على ال inbox
حتى الهاتف , اصبح smartphone الذى يحمل كما من تطبيقات التواصل , واخر ما يشغلك وظيفته الاساسية فى التواصل الصوتى
كم
اشتاقت حقا لرؤية وجههم ,الاصدقاء ,الذين اعتادت ان تقضى معهم النهار
باكمله, والليل يقضونه فى العمل على مشروعهم المشترك ليأتى الصباح فيلتقوا
من جديد !
احقا مرت شهورا دون ان تراهم , او تسمع صوتهم على اضعف الإيمان , استبدلت النظرات والضحكات بهذه العلامات الصفراء !
وعما
كانت تقرأه الليلة الفائتة فى رواية كاتبتها المفضلة ,عن تلك التكنولوجيا
الخادعة, التى تختزل مشاعرك يوميا , فتدمر مع الوقت وصولا للامبالاة.طردت الفكرة الثقيلة من تفكيرها سريعا واستقرت على أن تقرأ بضعة صفحات من رواية قد بدأتها حتى يغلبها النعاس , وقد كان ....
فى عالم تدب فيه الحياة بقوة ,تغزو التكنولوجيا كل أركانه, تغرقه بألوان وأصوات مفعمة بالحياة ,تقضى صديقاتنا يومها بغرفة المكتب التى تضمها مع زملاء اخرين يشاركونها الخيال الجامح والجنون وبضعة اجهوة كمبيوتر وشاشات عرض كبيرة وفوضى جمة من بقايا الطعام والشراب.
يقترب اليوم من الانتهاء ترتفع الاصوات مازحة تارة وجادة متوترة تارة و يختلف البعض على اللون الذى اختارته للملصقات الدعائية يبدأون فى شرح اسباب رفضهم يرد عليهم الفريق الآخر المؤيد للفكرة تتملل من هذا اللغط اليومى الذى لا نهاية له فتركتهم وما يصنعون وتتوه إلي عالمها الاكثر تشويقا , ساهمة عما يصنعون ظلت حتى افاقت على صوت تنبيه ال i pad
تفتح الرسالة فيقفز الى وجهها ذلك الفيديو الذى يُبث فى الوقت نفسه على جميع الشاشات بالغرفة وفتحملق باكبر الشاشات غير مصدقة لما يحدث امامها و ذلك المجنون الذى يمسك خطاب طويل بيده, يقرأه امام الكاميرا , تصلها الكلمات مبهمة من وقع المفاجاة لتبقى غير مُدرَكة !
يهلل الجميع حولها , فلا تعيرهم انتباها ففى هذه اللحظة توقفت كل الاعصاب اللازمة لتكوين رد الفعل المناسب .
ينتهى مجنونا من خطابه ليظهر صوت مقطوعتها الموسيقية المفضلة من لا مكان وتنتقل الكاميرا الى مشهد الأرض الى جواره وقد خط عليها
مع انتهاء الموسيقى تعود الكاميرا لتنتقل إلي وجه صديقنا المجنون وتعبيراته التى تحمل خليطا من الثقة والإيمان الرجاء والجنون والمغامرة , تبتعد الكاميرا قليا فيظهر المكان الأليف الذى تم التصوير فيه و وتتابع صديقنا وهو -مهرولا- الآن يتجه إلي مدخل الشركة ....
تستيقظ صديقتنا الحالمة على صوت والدتها القادم من الخارج لا تستطيع مقاومة الإبتسام اثر هذا الحلم الجميل وطالما أحبت خيالها الجامح لما يتفضل عليها به من أحلام.
تجد ال i pad مستلقى جوارها و فتبتسم مجددا وتفتحه -كعادتها صباحا- لتتفقد احوال الاصدقاء
تمر مرورا سريعا على التنبيهات الجديدة والرسائل , لتستوقفها احداها
أحدهم يكتب "بعد التحية المعتادة والسؤال عن الاحوال ووصف موجز جدا لما تتمتع به من صفات وينهى "انا عايز اتقدم لك" !
هكذا صدمتها الجملة و كوقع رصاصة فى مقدمة الرأس فتتهاوى هى -مجازيا- وعالم احلامها المكون من الوان قوس قزح فتنهض مسرعة ناقمة على التكنولوجيا التى عشقتها دوما لتكدير صفو هذا الصباح الواعد -او الذى كان كذلك قبل خمس دقائق- !
تبدلت الأحوال لحظيا ,طارت بقايا النعاس عن عينيها وحل محلها نظرات ناقمة على العالم باكمله عامة , وعالم ال social media الافتراضى خاصة.
تلاشت الألوان جميعها , وحل محلها مشهد الرصاص المنهمر الذى يدمر حتى الجدران الخرسانية من فيلمها المحبب"The matrix"
تمنت أن ترى مارك زوكربرج أمامها فى تلك اللحظة ,لتقتله بدم بارد باستخدام "معالق الشربة"
بات قلبها يدفع الدم فى عروقها دفعا , قليل من ذلك الشعور بعد وتنفجر , فنهضت وأرتدت ملابسها الرياضية فى عجالة وذهبت للعدو أو تكسير أي شئ لا يعاقب عليه القانون !
---------------------------
عزيزى المريخى الشقيق , حيث أنى من محبى فانتازيا "المريخ والزهرة " كما صورها الرائع "جون جراى " فى كتابه الأشهر
تحية طيبة وبعد,
اؤمن باختلافنا فى كثير فيما يتعلق بنظرتنا نحو الحياة , ولكن سامح الله اسلافكم الذين اكتشفوا الزهرة بتلليسكوبهم المبتكر فذهبوا لاستكشافه
يوجد قلة منا محظوظون , الذين استطاعوا التكيف مع سكنى الأرض فطوروا خصائص مشتركة من المريخ والزهرة وقدروا اختلافاتهم وتقبلوها .
ولكن ايضا يوجد هؤلاء الذين ينتمون إلي جذورهم بإعتزاز كبير ومن الطرفين مما يجعل التلاقى اصعب !
دعنى اخبرك قدرا يسيرا عن القادمات من الزهرة والمتعصبات لجذورهم رغم تظاهرهم بغير ذلك .
هؤلاء اللاتى اعتدن بذر بذور الجمال والاعتناء بها حتى الحصاد
هن بشكل ما تربطهم قرابة وثيقة بالفراشات خفيفة الحركة بديعة الالوان
كن فى زمن غابر, يستيقظن على اول شعاع للشمس ليهبن العالم جماله المكتسب , بالوان فساتينهم الزاهية,واحاديثهم المسلية واحلامهم المليئة بالأصوات .
كان تحلقهم فى دوائرهم الإجتماعية حدثا فى حد ذاته و ليبدأوا الحكى متظاهرات بالاستماع و لا بأس من نوبة بكاء جماعى تساعد على التكاتف واخراج الطاقات السلبية, ثم يذهبن الى النوم من جديد ليجمعن مزيدا من الاحلام !
لوقع الكلمات عليهم سحرا و منها يتشكل المعنى الذى ينفقون كل شئ فى سبيله , هم يفسرن الجملة وفق اختيارك للمعانى , ما تكتبه على كروت المعايدة ,ما تقوله بمخابرة تليفونية بعيدة , انتقائك للصفات التى تعجبك بهن , طلبك منهم شئ , بداخل ذلك العقل بالغ التعقيد ,نظام محكم لمعالجة النصوص وما تترجمها من مشاعر !
تظل قاطنة الزهرة عمرا تحلم , بالكلمة الإفتتاحية عند إعلانك للحب , ترسم صورا غير متناهية لما يمكن أن يكون عليه إعلانك للتسليم , "عرض الزواج" أودعنى استخدم المرادف الأعجمى للكلمة ?! How should a fancy proposal be
كما يقول صديقى القادم من الشمال بانجليزيته الأم
"IT'S NOT WHAT YOU SAY IT'S HOW YOU SAY IT "
عليك ان تثبت لهن انك تعنى ما تقوله و ان هذا الشأن بأهمية أن تغير اسلوبك العملى الجاف اللامبالى وتحاول القيام بالاشياء على طريقتهن ,ولهن فى ذلك اختلافات شتى و ولكن الأمر بالطبع عناء الإهتمام والتقدير ,عندها فقط , تحصل على مبتغاك .
عزيزى المريخى المتعصب و كفى تدميرا لكل ما بقى من احلام فوق هذا الكوكب البائس وتنازل قليلا عن نظرية "الدنيا اللى بتتاخد قفش وعافية دى بمنتهى السطحية" ان أردت وصالا
او الحل الاسهل خليك مع صحابك ع القهوة وجايم الاستيماشن اللى مبيخلصش وهاف فن يا برنس !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رأيك ؟!
:)