طالما كان سؤال (لماذا؟) هو الأكثر إغراءا .
وتبدو كل الإجابات مخيبة للآمال ولكن هي جزء من الحقيقة على أى حال.
مازلت أذكر ذلك المشهد الذى شاهدته مصادفة
عند مرورى أمام التلفاز لقضاء أمر ما :
"شاب وسيم ,عيناه تشعان بهجة وحياة , ترنوان إلي فتاة حسناء , ترتدى
ثوبا بألوان الربيع , تبادله نظرات يصعب تقيدها بكلمات , يجثو بطلنا على ركبة
واحدة , يتمتم كلمات قليلة , تتبدل نظرات الحسناء , تعلوها دهشة وحيرة حتى تضيع فى
النظر إلي لا مكان , تعود من شرودها , تتلفت على الجمع المحيط ثم تشرع فى الركض إلي وجهة وحدها تعلمها !
يبدو المشهد لوهلة كوميديا ,ولكنى أراه
الأكثر بعثا للأسي !
كيف استطاعت تلك العيون العاشقة الهرب من
نهاية كانت مثالية لكُتّاب القصص المتفائلون ؟
حسنا هذا السؤال هو الإجابة الأقرب للصدق
لأول "لماذا؟"
-بحثاعن اليقين -
يقولون "لتتمكن من قول (لا) ,لابد وان تمتلك ( نعم) اكبر بداخلك " ,ذلك هو اليقين , علي أن أُنهى ذلك النزاع الآن , أما أن
أمنح ذلك العشق ,عشق غزل الحكايا من الكلمات , عشق بعث الرسائل لمن طال انتظارهم
لها , يقينا أبديا ,أو اتنحى عن المشهد كلية ً, لا محل لأنصاف الحلول ها هنا!
وها هى "لماذا" تطل ثانيةً , لماذا أربعون ؟
حسنا , يقولون أيضا –هم ذاتهم مجهولو الهوية
الرائعون- أنك لتحول نشاطا يعينه إلي عادة عليك بتطبيقه بإستمرار لأربعين يوما!
أو –وهذا هو السبب الأقرب إلي قلبى- لأننى أتلمس
البشارة التى تغدقها الأساطير على هذا الرقم ,وهى كما جاءت من خلال كاتبتى المفضلة"اليف شافاق" ,على لسان أحب شخصيات روايتها إلي قلبى"عزيز" , فى إقتباس ينتقص السياق:
"...إن الأربعين فى الفكر الصوفى ترمز
إلي الصعود من مستوى إلي مستوى أعلى, وإلي يقظة روحية ,فعندما نحزن نحزن لمدة
أربعين يوما.وعندما يولد طفل فهو يستغرق أربعين يوما حتى يتهيأ لبدء الحياة على
الأرض.وعندما نعشق يجب أن ننتظر أربعين يوما حتى نتأكد من حقيقة مشاعرنا." !
.............
البدايات دائما هى الأكثر تحديا ,أو دعنا
نتحرى الدقة هاهنا ,البدايات المخطط لها مع سبق الإصرار , إذ لا شئ يضاهى روعة
بداية تحدث تلقائيا فتشع سحرا , ولكن ليس الحال هكذا هنا ,أو لم يعد !
لبعض من الوقت كنت عازمة ان ابدأ طقوس التقرب
والبحث عن اليقين بالكتابة عن "الكتابة" , الموضوع الذى فكرت فيه كثيرا
, ولكننى سرعان ما استبعدت الفكرة ,لتواضع قوى القلب والروح فى هذه الاثناء ,
لنرجئه قليلا إذا.
لن أتحدث عن القهوة ايضا,ليس الآن, وإن لزم
التنويه أنها كانت قاتلة بشجنها الأنيق هذا الصباح .!
ربما أشارك أفكارى حول كتاب , ذلك النوع من
الكتب الذي يحتضنك , يلحظ ضعفك الواهن فيربت على يدك ويأخذك إلي عالمه رويدا رويدا
لتستمد بعضا من قوته !
ذلك الكتاب الذى يحمل من روح كاتبه قدرا ليس
باليسير , ذلك السحر الذى لا يجوز السؤال فى حضرته بـ "كيف؟!"
هنا حيث تتحول كاتبتك إلي جنية صغيرة فلنسمها
مجازا "جنية الكتابة" فى حلة لامعة من أرجوانى محبب , وأجنحة فضية ,
تتنقل بين الصفحات , لتأخذك ورائها إلي عالم الإنسان ,والذى لا يخبرك عنه واقعك –كما
يبدو- الكثير!
تدخل ورائها إلي القلب حيث تتخذ مقعدا وثيرا
تراقب من فوقه ما يدور ,تسمع كلمات الحوار بصوت أكثر قوة ووضوحا ,تري الموقف
المعادى من زاوية أخرى , تصرخ محذرا ,"أسماء لا تفعلى ذلك ,لا تحبيسيه بين
الحب والكراهية ,فسوف يُغلق السجن على كليكما !"
لن تسمعك أسماء , سوف تحزن من أجلها , من أجل
إختيارها الألم الأكبر مع كامل وعيها, -الكراهية-!
سوف تمر الصفحات أمامك عوالم موازية ,لتصل
إلي الأصل , إلي بداية غير متكلفة ,حيث
كانا "يتكلمان كثيرا مثل هطول المطر" !
فتفتقد صوتك , تفتقد حكيك , تفتقد الكلام ,
فتُطرق ,أو تصفع نفسك التى لم تعد قادرة على بذل الدموع !
تفقيق على مشهد احتضانك للكتاب بقوة , فتحاول
الإمساك بشتات نفسك ,ومواصلة التظاهر , أنت دائما على ما يرام .
تبقىك روعة ما قرأت عاجزا عن خط اية كلمات ,
ولكن عليك الإستمرار فى المحاولة ,بت تعلم يقينا خطورة ما أنت متوجه صوبه , وأن
ضالتك , محراب مقدس , لابد وأن تتطهر من شكوكك قبل السماح بالدخول , ولابد وأن
تتوضأ بالألم !
أخاف أن أنغمس فى عالمك فأنسى عالمي :)
ردحذف