الجمعة، 5 سبتمبر 2014

أن لا تعرف:أن لا ترى

يحدث أن لا تسمعك !
لا تدرى هل السبب هو خفوت صوتك الداخلى , وهنه , وكفه عن الصراخ؟ أم لإرتفاع أصوات ضجيج العالم من حولك , ذلك الضجيج الفضولى , المتعجل , المكرر برتابة ؟!
تتوقف مرتبكا حائرا ’ لا تدرى كيف تكمل المسير دون ذلك الصوت الدليل !
تسد أذنيك بما أوتيت من قوة , دافعا زحام العالم خارجا.تغلق عينيك كى تتمكن من رؤية صوتك الخافت وتتبعه,فتدرك عجزك عن الرؤية!
متى عميت عيناك؟! متى أختفت الألوان ؟ متى توقفت عن النظر !

يضحى الصوت همسا, به بحة محببة , منهكة , يبتعد أكثر وأكثر حتى يختفى !

تأخذ من العالم -عالمهم- ركنا قصيا, تجلس فيه زاهدا فيما تحب , متلمسا الأمان فى حدود جسدك , تنكمش , تعود إلي الوضع الذى سبق الخروج , فارغ الفكر -كما كنت- تستمع إلي ضربات قلبك من عمق لا تعلم نهايته,ضربات تقاوم , كى تمدك بلقيمات من حياة!

من خلالهما,كانت رؤيتى البكر لروحى,الرؤية الأوضح ,الأصدق والأعمق. 

كانت عيناه بزرقة بحر أليف ,لم أخشاه يوما ,أنا التى لا تجيد العوم! 
كانتا رائقتين كأكواب أمى الكريستال, صافيتين من أى شوائب من لون أخر , فقط أزرق ,ممتد امتداد البحر والسماء حتى يلتقيا.
لا يحتوان كمثيلاتهم من العيون على تلك الجبال الجليدية الصلبة التى تبقيك خارجا.
إليهما أدمنت النظر , وفيهما كانت أول معرفتى للعالم والأشياء , وعلى ضوئهما اللامع -ليلا- سافرت إلي مدن أحلامى الكبيرة ,وأزقة أفكارى النائية .
طالما رأيت الله فيهما ,فأحببته ,وتعلمت الصلاة.
طالما وقفت مشدوهة لقدرتهما الجبارة على التمكن من الضحك الخالص فوق خلفية من شجن!

بعض الصباحات ما هى سوى ليل ممتد تخلى عن سواده لضعف طاقته على الشجار مع الشمس كضيف غير مرحب به!
بعض الشروق موجع ,وباعث على البكاء,وبعض زيارات الشمس التى طالما كنت ممتنا لها , خيانة كبرى .
كيف استطاعت من إعلان شروقها مبتهجة دون أن تتأكد من وجوده بالجوار!
كيف استطاعت نشر الضحكات وبذر الأمل !
كيف لم تذرف دمعا , أم هى ايضا ابقته حبيسا حتى حين , حيث تتحرر من حزنها وتجرى دموعها ضوءا أسود !

كثيرا ما مازحته,لنقوم بالتبادل اذا , ليأخذ هو هذه العيون الذى لم يسأم مدحها والتغزل فيها , وأحصل أنا على بحره وسماءه الزرقاء ,عيونى ليست جميلة مثلك , هذا ليس عدلا أيها العجوز !
ليضحك حينها ويضمنى فى عناق ,يأخذنى إلي حيث الـ "ما لا نهانية" !
كانتا بوابتى على عالم , أغلق , يوم أغلقتا  -حسنا هذه كلمة لا افضلها كثيرا- إلي الأبد.

"لو يذكر الزيتون غارسه لصار الزيت دمعا" 

ذهبت إلي مملكتك الصغيرة للبحث عنك فى أخضرها وبراحها , فلم أجد سوى الحزن وأنين مكتوم .
كل حزين بطريقته فى أناقة وحب , علمتنى أن أستمع إلي حكيهم وطالما تدربت , واليوم حاولت ونجحت المحاولة , ولكنى لم أقوى على إكمالها. نسيت أن تعلمنى كيف أواسى أحزانهم , كيف أشاركهم الحزن , أم تراك أغفلتها عمدا!

مازلت فى ركنى من العالم , إختيارى المرغم , بجوار حائط شائك ,انا التى طالما كرهت الجدران, داخل دائرة مغلقة كرها, موحشة,لا تسمح لأحد بالإقتراب من حدودها , والمرور لإلقاء التحية. أتعلق بالصوت الخافت ,لضربات قلب مازلت تعافر,.أحاول التشبث باسمى , وبأحرف أبجديتى ,وبقدرتى على سطر الكلمات,حتما سينتهى كل هذا , حتما سيقوى القلب وتحدث دقاته دويا , على ابتهالات اللسان :
"أعطنى القدرة ..حتى لا أموت 
منهك قلبى من الطرق على كل البيوت" 
حتما سوف يتحطم الجدار , وتتلاشى الدائرة ,.
حتما سأعود لأعرف من أكون!
 وما أريد !
سأعود ...لأرى !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك ؟!
:)

رأيك مهم وربنا ..ايه رأيك ؟!