الاثنين، 8 سبتمبر 2014

كمقهى صغير هو الحـ(ب)زن !

أصبح إعتقادها أنها تستطيع الإختفاء -إن هى أرادت ذلك حقا- راسخا.
كان صباح هذا اليوم الوقت المناسب لتستخدم فيه تلك القوة الخارقة.
خرجت من المنزل قبل أن تراها والدتها .لا طاقة لها اليوم بشجار جديد بخصوص هذه الكارثة التى ألحقتها بأفراد جنسها بل وبالإنسانية جمعاء!
حيث أن إرتداء ثوب أسود قصير من فوق "جينز" أزرق لا يمت له بصلة ,يعد ضربة قاسية موجهة لمبادئ الأناقة , يزيد من وقعها إرتدائها لحذائها الرياضى المفضل وحقيبة ظهر. كارثة بكل المقاييس !

تعلم في صميمها أن وجودها فى الشارع بمثل هذه الحالة التى يرثى لها, وعيونها التى تأبى الإستيقاظ بعد, وخطواتها البطيئة عما اعتادته ,وملامحها التى ترفض التخلى عن بؤسها جريمة شنعاء فى حق العالم الذى تحاول مؤخرا التقرب منه.                  
تكمل على أية حال موقنة انها الآن مختفية عن العيون تحمل ثقلها قدماها بعناء حتى تصل أخيرا إلى ذلك الركن من قلب المدينة -الذى اكتشفته حديثا- ,رؤيته امامها زادت من سرعة خطواتها حتى وصلت أخيرا ,فدلفت من الباب الصغير.
ترى بعض الوجوه الأليفة,هنا تفقد قدرتها على الإختفاء,ليبادلها الآخرون الرؤيا,ترسل إعتذارا بعينيها عن مظهرها الرث,فيتقبلون الإعتذار بإبتسامة وتصعد.

تفكر:"آه ,كم هو جميل هذا الدرج !"
هو نوعها المفضل .أو ما يمكن لمخيلتها رسمه إذا سمعت الكلمة أو قراتها ,تريد أن تجلس عليه الآن , عند استدارته المنحرفة ,وتحتضنه قليلا,تحب وقع خطواتها عليه,ولون الخشب وصوته وحكايته والحنين الكامن فى تجويفه إلي أيام كان فيها شجر !

تختار ركنا جديدا لم تجربه من قبل, ترتاح لإختيارها السريع -باتت معظم قرارتها سريعة لم تعد تطيل التفكير!- ,تجلس تحيطها وتقابلها كل هذه الوجود أو بالأحرى العيون التى تخفى الكثير.
ألوان بسيطة لا تستطيع لفظة واحدة وصفها,ليس هذا الأخضر المتعارف عليه,وليس هذا بالتأكيد ما قد تتخيله إن قلت لك أصفر !
تستسلم لجهلها بالألوان وتحاول الإقتراب , هذا فيروزى , ما بين أزرق وأخضر ,أو شئ من هذا القبيل.وهذا لون الخشب صغير السن الذى لم تضيف عليه السنين تأثيرها أو شئ من هذا القبيل.!

أرحب بالوجوه الحزينة ,أفكر فى أنه ربما علي البحث عن أسماء مناسبة لهم.
أخرج بعض الأشياء من الحقيبة , هناك دائما أكثر من خيار 
كتابان , دفتران للتدوين,وعدة أقلام , لم أفكر من قبل فى الأسباب , ربما لا أرتاح لفكرة الخيار الأوحد !
أقرر كيف سابدأ الصباح:
كتاب لـ "باولو كويلو" ,سوف أكتب التدوينة اليومية فى دفتري المفضل , لن أضع أي خطط مستقبلية هذا الصباح , ليس الوقت الأفضل على أية حال.

أطلب القهوة الأقوى , بينما يتردد بأذنى صوت صديقى المفضل مؤخرا 
"عيناى تغمض وحدها,أحتاج إلي قهوتى فى أسرع وقت ممكن ,لعل الحب مر ولم أراه"!
يأتى الطلب بعد قليل , تسبقه الرائحة التى تأخذنى إلي غير مكان ,إلي هناك ! 
أخبره ان لا داعى للسكر الذى نسى إحضاره ,ومازال يوري فى الخلفية 
"أحب قهوتى مرة , تذكرنى بحياتى , حياتى باتت نكرة , يبدو أن الحب لن أراه.." 

أذهب قليلا مع "بريدا" ومغامراتها الكبيرة , ورحلتها المليئة بالمخاطرة, اليوم تتعلم أن تستسلم لقوة أعظم , عليها أن تترك نفسها دون مقاومة.وتتعلم أيضا أن السبيل الوحيد للفهم فى هذه الحالة , أن تفهم بقلبها , الأمر البالغ الصعوبة كما تتوقع !

-حسنا أيها العالم , هلا كففت عن التآمر , يكفى هذا القدر رجاءا - هذه جملة إعتراضية بينى وبين العالم , وهو يعرف جيدا ,نعود.

أكتفى ببضع صفحات حتى يتسنى لي الوقت للكتابة.
أدركت أنى أحب نوع هذا الدفتر كثير , لون الورق الكريمى ,المائل للصفرة,ذو الصفحات الفارغة الغير مسطرة!
أنتبه إلي أننى أكثر مؤخرا من استخدام الموسيقى فى تديوناتى اليومية.!
ممم , لا أدرى السبب , ربما أحتاجها أن تعود إلي الحياة , مثل حاجتى للكتابة.
أحب الإضاءة الخافتة , لمقهاى -الذى بات مفضلا- ,أحب شرفته الصغيرة ,وموسيقى الجاز الهادرة من مكان ما لا أهتم بتحديده.
أحب المكان الذى تحملنى إليه القهوة فوق بساط سحرى , هناك , حيث لا داعى للكلام.
حسنا , بات الكلام يؤلمنى , لا أريد الإكثار منه , هو يأخذ من طاقتى التى لا أمتلك الكثير منها حاليا.
أعلم الآن أننى قد وجدت على هذه الأرض ركنا مفضلا , به شرفة تُفتح على هناك , وبه سقف لطيف أيضا.
بعدما أصبح سطح بيتنا مفترش بحنين ثقيل!

كم هو رائع البقاء هنا|هناك ,حتى أقرر الخروج , ولكن ليت الأمور دائما بمثل هذه السهولة!
لا بأس , يكفينى الآن أنى قد عثرت أخيرا على هذه البقعة التى وسط عيونها الحزينة ربما أجد إجابة للسؤال!
ربما ...
----------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك ؟!
:)

رأيك مهم وربنا ..ايه رأيك ؟!